مرحبا بضيوف أمتنا جميعا

قد علمنا مجيئكم ففرشنا ** مهج القلب معْ سواد العيون
وجعلنا بين الجفون طريقا ** كي يكون المرور بين الجفون

إنهم إخوتنا جميعا، وأبناء أمتنا الذين تجشموا الصعاب وقطعوا المهامه والفيافي ميممين منكبنا القصي، وحلوا في ربوعنا بغية صلة الرحم وتسوية وتدبير شؤون أسرتنا الكبيرة العانية. 

وبذلك فهم يستحقون منا جميعا كل آيات الترحيب والتبجيل والإكرام والصفح والسمح.. سواء في ذلك منهم من حضر ومن غاب، ومن رعى أواصر القربى وذمام العهود ومن قطعها. وذلك للأسباب الثلاثة التالية:
1. أنهم ضيوفنا كما ذكرت آنفا، وشيمتنا إكرام الضيف. هكذا ورثنا صاغرا عن كابر، حتى قبل أن ينحر أبو البنات "المحلق" ناقته الحلوب الوحيدة لضيفه "الأعشى". ويرحل الضيف ويبقى المحلق في مهمه صفر اليدين هو وبناته وأمهن؛ فيقول فيه الأعشى وينشد في عكاظ ذلك البيت الذي جعل سادة العرب ينفرون لنجدته ومصاهرته فيروح أغنى وأعز رجل بعد ما كان قد أصبح فيه من فقر وذل:
ترى الجود يجري ظاهرا فوق وجهه ** كما زين السيف اليماني رونق.
وحتى قبل أن يقول القائل:
حلالي حلال الضيف والبيت بيته ** ولم يلهني عنه الغزال المقنع
أحدثه إن الحديث من القرى ** وتكلأ عيني عينه حين يهجع.
وقد جاء ديننا الحنيف ونبينا المصطفى لإقرار وتكملة مكارم الأخلاق؛ فأقر وشرع إكرام الضيف: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه».
2. ويتساوى في واجب إكرام الضيف المحسنون والمسيئون.
* لأننا حملة وهداة وحماة هذا الدين الحنيف الذي يأمر بالدفع بالتي هي أحسن (ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
* ولأننا ورثة وسدنة هذا المعين الذي لا ينضب من أدب وشيم العرب الذين يقول قائلهم: 
فإن الذي بيني وبين بني أبي ** وبين بني عمي لمختلف جدا   
فإن أكلوا لحمي وفَرت لحومهم ** وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
ولا أحمل الحقد الدفين لبعضهم ** وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا.
3. ولأن من بين المسيئين إلينا من قدموا من بلد عظيم نكن له أوفر آيات الود وأعمق مشاعر التقدير والاحترام: الشام وما أدراك ما الشام؟ إنها: أرض الغساسنة الأمجاد، ومهد المسيح عليه السلام، ومعراج الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم، ومرقد خالد وصلاح الدين، وعرين الجهاد الحق والمقاومة التي قهرت الصهيونية ومرغت وجهها القبيح في وحل الهزيمة؛ تلك المقاومة التي يتعانق فيها الإسلام والمسيحية في أسمى وأجل صور الوحدة الوطنية والدفاع المظفر عن الوطن والأمة. فلا تثريب إذن عليهم، بل كما قال كثير:
هنيئا مريئا غير داء مخامر** لعزة من أعراضنا ما استحلت.
أيها المدونون.. اتقوا الله ولا تخزونا في ضيوفنا الكرام!

الأستاذ محمدٌ ولد إشدو