الشاعر الكبير ناجي محمد الإمام لموقع الفكر: هذا البلد ممر، والممر لا يكون مستقرا

 

 

في إطار مواكبة موقع الفكر لمجريات الساحة الثقافية الوطنية، وسعيا منها إلى إطلاع متابعيها الكرام على تفاصيل الأحداث، بتحليل متوازن، ونقاش متبصر.

نستضيف اليوم أحد القامات الفكرية والأدبية ممن لديهم اليد الطولى في ميدان الشعر والأدب، فهو مجلي الميدان وسابق الأقران فيه، فقد بذ الجميع  علما وأدبا وفاقهم فكرا وعلما،  حيث حصل على العديد من الأوسمة والجوائز الأدبية.

 ولضيفنا، الذي يهتم بأدب الطفل، العديد من المؤلفات في فنون الفكر و والثقافة والأدب، فضلا عن ممارسة التعليم لعقود، كما ظل كثر ممن الزمن عقدين  عضوا في اتحاد الكتاب والأدباء الموريتانيين.

 نحاوره اليوم لنستجلي من خلاله ما وراء الخبر ، في لقاء شامل، حول قضايا الساحة الأدبية والفكرية الثقافية. 

ضيفنا هو الأديب الكبير ناجي محمد الإمام.

وخلال المقابلة أتحفنا ضيفنا بتجاربه الشعرية كما تحدث عن مواقف لاتخلوا من طرافة فضلا عن تاريخ تأسيس اتحاد الادباء كشاهد عيان وغيره من الأحداث الأدبية ..

موقع الفكر: كيف كانت بدايتكم مع الشعر؟ 
ناجي محمد الإمام: شكرا، بسم الله 
الحمدلله والصلاة على رسول الله.
اولا أرحب بكم في بيتكم هذا المتواضع وأعتذر عما لايليق باستقبالكم، 
ونستذكر معكم أن هذه البلاد تحملت أو حمّلت وزرا، ان تكون بلاد المليون شاعر اذ يجدر بها ان تكون بلاد المليون آخر. 
بدايتي مع الشعر كانت قبل المدرسة حين كتبت أبياتًا تحت تأثير فقد احد الاقرباء وهذه ربما كانت تحصل مع الناس 
وكنت حينها ابن تسعة اعوام تقريبا.
سنتي الاولى في الابتدائية كانت سنة 1965 والتي تداولها الأطفال من الرفاق 
وهكذا صاحبني الشعر او صاحبته او تصاحبنا إلى اليوم 
لاأعرف لماذا ولا أعرف إلى أين  كلما ما اعرفه انني اشرفت والحمد لله على الستين وانا اكابد هذا الطريق يلزمني بما قد أكون طليقا منه لو لم يكن في الشعر وألزمه بقول ربما لايريدني أن اقوله،
فالشعر او اي حالة معرفية أخرى اعتبرها حالات امتداد 
حاولت ان لا اوظفه في مدح ولاذم.

موقع الفكر: مادور النسخة الأدبية الموريتانية في رفد اتجاهكم الشعري والأدبي؟
ناجي محمد الامام: في المجتمع " الزاوي" ولاسيما المنطقة التي يسميها معالي الوزير سيدي أحمد ولد الدي " منطقة الشعر" يولد الزوايا مع الشعر 
فانا ولدت في مجتمع وفي بيت شعريين لكن أول تأثير مباشر لقصيدة عليّ هو: 
صاح الغراب لنا بالبين من سلمه  ماللغراب ولي دقّ الإله فمه! 
هذه حفظتها قبل ان أعرف الإملاء أو اتهجى كما ينبغي. 
موقع الفكر: كيف ترى الإسهام الأدبي للمحظرة الموريتانية وأثرها في الشعر والشعراء؟ 
ناجي محمد الامام: المنظومة المعرفية الموريتانية او المنكبين لهذا المنكب على رأي الشيخ محمد المامي رضي الله عنه تدور حول المحظرة وإلى الآن لاينجو من امراض الطفيليات اللغوية الكاتب او المبدع إلا إذا كان خريج محظرة لأننا لم نطور تعليما آخر يحل محل المحظرة فالمحظرة هي بؤرة المعارف عندنا. 
موقع الفكر : متى لقبتم بمتنبي موريتانيا وما شعوركم تجاه هذا اللقب؟ 
ناجي محمد الامام: تمنيت أن لا يكون قد حصل فقد حضرت بداية الثمانينات مهرجان الحرية للشعر العربي في ليبيا وكان فيه عدد ممن يسمون هنا بالقامات وبالمناسبة هنا يكررون الكلمة حتى تفقد قيمتها فتصبح مثل وخيرت فليس هناك ماهو أشد ابتذالا من وخيرت ووني 
كذلك كلمة القامة والمفكر والمبدع فكل هذه الكلمات فقدت قيمتها وميّعت، فنحن نسرف حتى نفقد الأشياء طعمها.
المهم ان هذا المهرجان حضرته قامات وذلك صحيح حضرت قامة مثل الجواهري وفي رأيي المتواضع إذا قيل الجواهري لم يبق لغيره مقعد في الشعر يحتل المساحة كلها، فالقيت في المهرجان قصيدتين إحداهما عمودية والأخرى من شعرالتفعلة فكتب الاستاذالاعور شريف: اطلّ علينا مراهق يلبس ملابس إفريقيا ويقول شعرا ليقول شعرا ففوجئت بهم يقولون إن المهرجان اتخذ قرارا بإضفاء لقب متنبي موريتانيا على فلان يقصدونني بها.
 وأنا أعرف أنني لست شيئا وأعرف المتنبي فوق ذلك ولكن قضي الأمر الذي فيه تستفتيان. 
موقع الفكر: نود منكم ان تستعيدو لنا بعض المواقف الأدبية أو القصص التي علقت بكم،  من اي من المؤتمرات الأدبية العربية التي شاركتم فيها؟
ناجي محمد الامام: تحضرني دائما واقعة ذات دلالة كبيرة نتجاوز النكتة فيها من اجل مايعانيه المبدع في تمثل إبداعات الآخرين 
كنت في مناسبة أدبية أخرى وكان من بين الحضور الناقد اللبناني الكبير إلياس مقدسي فنودي عليّ لإلقاء قصيدة من شعر التفعلة استخدمت فيها رمز النبيذ الاسكتلندي فانهيت قراءة القصيدة ورجعت فوكزني فقال لي اكيد انت ماتشرب الخمر فقلت له لا اشربه. 
ومن ذلك ماذكرت لك من حرب شعواء بين نجوم الشعر فنحن نتأبط اوراقا هزيلة ويأتي المشارقة يحملون مكتبات ودواوين بعدد أيام عمرهم من الدواوين وبقدر ماتسلم عليهم يمدون لك الكتاب فهذه مما نعيشه كنقص حاد في وسائل الطباعة ونحو ذلك، و لو لم يكن لدينا هذا المشكل لكان الحال احسن. 
لكن ما زلنا نعاني عقدة الشرق ومشكلة اللغة والمعارف. 
موقع الفكر: شاركتم في تأسيس اتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين كيف كانت أجواء ذلك وماذا عن ذلك الاتحاد؟ 
ناجي محمد الامام: هو كان رابطة و من باب الصدق واعطاء القوس باريها هذه الرابطة فكرة وتنفيذالخليل النحوي وكانت المدينة حينها مدينة صغيرة أواخر العام 1974 فإذا بعض الاطفال يكتبون الشعر آنذاك 
اذا هذه الرابطة فكرة وتنفيذ الخليل وهو من دعاني إليها وتحملها كعنوان الى بداية التسعينات 
ومرت على أطوار، الطور الاول رابطة الادباء والكتاب الموريتانيين
فتدخلت الدولة بحزبها الوحيد وطالبت بامرين أن يضم اليها كتاب من الأقاليم الجنوبية ولو كتبوا بالفرنسية وأن يضم إليها بعض الفنانين لأنهم يريدون أن يكون هذا المتعلق بالإبداع في إطار منظمة واحدة وتم اهم ما أرادوا، وسميت الرابطة الموريتانية للآداب والفنون وكانت عبارة عن عنوان فلم تقم بامسية ولا مهرجان شعري 
كانت تهيء بعض الأسفار لبعض الشعراء الذين يريدون ان يرو الكون يسافرون جيئة وذهابًا.

موقع الفكر: لكم كتابات ادبية مميزة في مجال السرد، هل هناك عمل مكتمل تم نشره لكم او سيتم نشره؟ 
ناجي محمد الامام: أنا اكتب القصة القصيرة والرواية، فالقصة القصيرة كتبت منها عددا وفيرا ولكن زوار الفجر الذين كانوا من أصدقائي يبحثون كلما قضوا فترة من الزمن يمرون بالبيت يبحثون عن اوراق ثبوتية لكتاب ما فيحملون ماجاء في طريقهم .
اما الرواية فقد بدأت كتابتها ابتداء من العام  1981م.
وكتبت حتى الآن اربع روايات وكنت أنشرها على موقعي وحسابي على الفيسبوك ولكن احد الاصدقاء أشار إلي أن أترك النشر على الفيس بوك لأنه عرضة لسرقة المحتوى. 
لم أطبع وتأخرت كثيرا في ميدان الطباعة لأن اغلب مالدي من انتاج عنده بعد سياسي وماكان له أن ينشر في فترات معينة،  و أول مرة ينشر شيئا من ذلك هو التيه والبحر والذاكرة،  طبعه اتحاد الادباء والكتاب .. هذه علاقتي بالرواية. 
والآن اعكف على كتابة رواية جديدة 
واعتبرالرواية قصيدة القرن القادم فالشعر لن يأفل لكنه لن يزدهر مرة اخرى.
موقع الفكر: هل لديكم تجربة مع الشعر الحساني؟ 
ناجي محمد الامام: بعض الاصحاب اللصيقين بي يحكون ذلك وأنا لم أرض عن الفصيح الذي لازمني كل هذا الزمن كله،  فكيف أرصى عن هذا الشيء الآخر 
لااتذوقه ولااحفظه ولا أريد ان احفظه وإن كنت قلته في فترة ماضية فذلك زمن مضى.

موقع الفكر: ماخطوط الالتقاء بين السرد الأدبي والشعر برأيكم ، وفي المقابل ماهي مواطن الافتراق؟ 
ناجي محمد الامام: كما قلت الآن القابل من الزمن منثور، إذا، أجدد القول بان القرون القادمة ستشهد قصيدة اسمها الرواية،هل سنواكبها كقراء؟ اظن أننا ايضا بدأنا مرحلة النزوح الى القاع، بدأنا نعيش مرحلة يتساقط كل ما علق بجسمنا من علامات فارقة من المرحلة الماضية.
موقع الفكر: ماذا تعني لكم لبراكنه و موريتانيا والمحيط الاطلسي والمحظرة والشعر والادب ؟ 
ناجي محمد الامام: أصدقك القول،  إلى هذا الوقت لاأحس بانتماء إلا إلى وطن واحد، هو الوطن العربي وإن فردت كعبي خارجه فالوطن الإسلامي .
لاأحس حتى اللحظة بانتماء إلى قبيلة ولا جهة، وبالكاد الى قطر غير الوطن العربي الكبير، إذا، هذا جزء  من تمثل ما أومن به فعلاقتي بفلسطين من العقيدة والذات والمثل ولبان المرضعات .
موقع الفكر: ماذا تقولون عن الفتوة وماهو تعريفكم لها ؟ 
ناجي محمد الامام: الفتوة حالة تميز في كل مناحي السلوك،لاينقضي عجبي من ما يسمى الفتوة، الفتوة النجدة ،الفتوة الكرم،الفتوة القرب من الله والبعد مما سواه .. 
موقع الفكر: نلاحظ حالة من التهميش يعاني منها الأطر الذين خدموا هذا البلد من عسكريين وسياسيين ومثقفين فهل هذه الظاهرة عرضية ام مقصودة؟ 
ناجي محمد الامام : هذا البلد لايشبه شيئا قلت شيئا لايشبه شيئا، هذا البلد لم يك يوما من الأيام مقرا ،هذا البلد لم يك يوما من الايام مطلقا في ماهو منطوق او مكتوب، هذا البلد ممر والممر لايكون مستقرا .. 
نحن يطالعنا وباء الماركتينغ والكذب ..
موقع الفكر: هل تعرضتم للسجن وفي اي سنة وبأي سبب؟ 
ناجي محمد الامام: نعم تعرضت للسجن هنا في نواكشوط مدة ثمانية  أشهر سنة 1981،  والله لا أعرف، بسبب الاتهام بمحاولة قلب نظام الحكم والغريب أني لااعرف اين  "أتعشى" سأبيت بعد اطلاق سراحي وقدد قلت ذلك للمحققين من اللحنة العسكرية للخلاص الوطني آنذاك. 
حصل لي التعذيب المعنوي، كانوا يحضرونني لقاعدة التعذيب، وعليك أن تعيش صراح المعذبين وعندما تنتهي يستجلبونك للاستجواب، ولتعترف بمالم تفعل،  لكن لم أعذب بدنيا، و افظع سجن رأيته وأظنه من أسوأ السجون في الدنيا  في العام 1984 في عهد الرئيس السابق محمد خون بن هيداله، سجن رأيته هو السجن الذي سجنت فيه ب، وقد بعث لي من هربني من السجن الى السنغال لكن المخابرات الموريتانية أوعزت الى السلطات السنغالية بتوقيفنا وتفتيشنا فهربت ثانية الى التوغو، وأن تهرب من وطنك وجلاديك لتصبح لقمة سائغة في يد دكتاتور لمسيحي كان في الأصل طباخا ثم انقلب على سيده، هذه المرحلة من أصعب ماعشت في حياتي.

ولي قصيد شهيرة تسمى "حكمة السجان"  أقول فيها: 

وعلمتني يد السجان مأثرة  أن لا أمد لغير الله يد

 سخرية القدر أن يأتيك كاهن السجن ليعظك.

هذا الموقف يقول عنه الفنان ولدعو "الل اظحك لغجول الخظر"

ليس في الدنيا فيما سمعت وعلمت أصعب من مطارد الغريب مع القريب