
في سباق محموم مع الزمن، تبدو موريتانيا وكأنها عالقةٌ في حلقةٍ مفرغة. بينما يفرض الجيل Z نفسه على الساحة العالمية، محطمًا الأنظمة ومُعيدًا تشكيل الخرائط السياسية بجرأة غير مسبوقة، نجد أنفسنا هنا، في قبضة زمنٍ مضى، زمن جيل التأسيس الذي لا تزال أفكاره تسيطر على المشهد، وكأننا نعيش في حقبةٍ أخرى.
هذا التناقض الصارخ يعكس واقعًا مريرًا: فجوةٌ زمنيةٌ عميقة تفصل بين جيلٍ ولد وفي يده الهاتف الذكي، وفي عقله خوارزميات التغيير، وآخر ما زالت عقليته تحكم البلاد والعباد. لقد وضع جيل التأسيس اللبنات الأولى للدولة، لكن عقليته لم تتطور بما يتناسب مع سرعة العصر، تاركًا خلفه إرثًا من العقلية المتحفظة التي تعيق أي تقدم حقيقي.
في المقابل، يضيع الجيل الحالي، الذي يمتلك كل مقومات التغيير، في متاهاتٍ من التفاهات والملاسنات. بدلاً من أن يكون شعلةً من المبادرة، يسعى لفرض الحلول المناسبة، ويشارك بفاعلية في بناء مستقبل البلاد، نجده منشغلاً في معارك هامشية تستهلك طاقته وتشتت تركيزه، بينما تزداد الفجوة بينه وبين أحلامه.
إنها دعوةٌ لا تنتظر التأجيل. موريتانيا تحتاج منكم المبادرة. لا يكفي أن تكونوا محركات للرأي العام على منصات التواصل الاجتماعي، بل يجب أن تكونوا مهندسين للتغيير على أرض الواقع. تخلوا عن لغة اليأس والإحباط، وأبدلوا الملاسنات الفارغة بحوارٍ بناء.
المستقبل ملككم، ومهمة العبور بالوطن إلى بر الأمان تقع على عاتقكم و موريتانيا تنتظركم.
محمد علوش القلقمي