
تمر اليوم سنة كاملة على انطلاق المأمورية الثانية لفخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، وهي مناسبة جديرة بالتأمل والتقويم الموضوعي، بعيدا عن اساليب التهويل الدعائي أو النقد المغرض، وهي مناسبة لتقويم الحصيلة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا ومن زوايا مختلفة.
ففي مستهل السنة الثانية من المأمورية، يجدر بنا أن نتوقف عند ما تحقق خلال السنة الأولى، من تنفيذ للبرامج والمشاريع ، ومالم يتحقق.
لقد تميز العام الأول من المأمورية الثانية بحيوية لافتة في العمل الحكومي، تم خلالها إطلاق العديد من الورشات الكبرى، خاصة في مجال البنى التحتية داخل العاصمة نواكشوط، في إطار مشروع متكامل يهدف إلى تحديثها وتحويلها إلى مدينة عصرية جاذبة.
وقد تم ذلك في إطار عمل هادئ، متأن، وهادف، يعكس رصيد الحكمة الذي يتمتع به فخامة رئيس الجمهورية، وينفذه بإتقان وحنكة الإطار الكفء معالي الوزير الأول، المختار ولد أجاي.
كما عرفت المأمورية المنصرمة معالجة ملفات استراتيجية بالغة الأهمية، من أبرزها الملف الأمني، وعلى وجه الخصوص قضية الهجرة غير النظامية، التي تم التعامل معها باحترافية ادارية وامنية حققت أهدافها بشكل لافت ، ونجحت الدولة في ضبط دخول واقامة الزائرين والمهاجرين و فرض الرقابة على المنافذ الحدودية، وفق المعايير القانونية المتعارف عليها دوليا، مما ساهم في الحد من الدخول العشوائي الذى كاد ان يشكل خطورة على الامن العام، بكل ما يحمله من تهديدات ،، ومن انتشار للجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، وغيرها من المظاهر الدخيلة على قيمنا.
وعلى مستوى الحوكمة السياسية، أرساء قواعد انطلاقة جديدة، تعتمد على الحوار وتجاوز التوتر، سعيا لتوسيع دائرة المشاركة في صناعة القرار، وفى هذا السياق، جاء إعلان رئيس الجمهورية عن إطلاق حوار وطني شامل، يرتقب أن يفتح الطريق أمام انبثاق جمهورية أكثر حضورا و رسوخا، قائمة على قيم المواطنة والعدالة والمساواة.
وبعيدا عن أجواء التشنج السياسي الذى كان سائدا خلال الحقب الماضية وردود الأفعال العشوائية ، شهدت العديد من القطاعات الحكومية خطوات ملموسة نحو التحديث من خلال الاستفادة من ثورة الرقمنة ، وكذلك تمت معالجة اشكلات استيراتيجية هامة مرتبطة بالحياة المعيشية اليومية للمواطن من ابرزها الانقطاعات المتكررة للماء والكهرباء ، لما لهما من أهمية بالغة وقد بدأ العد التتازلى لحلهما بشكل تدريجى للوصول للحل النهائى خلال نهاية السنة القادمة، في حين لا تزال قطاعات أخرى بحاجة إلى مزيد من الجهد، وفي مقدمتها قطاع الصحة. والسكن.
أما بخصوص محاربة الفساد، الذي مثل الشعار الأبرز والركيزة الأهم خلال المأمورية الماضية، فقد بدأت بوادره تتجسد على أرض الواقع، من خلال الكشف عن ملفات فساد في عدد من القطاعات، بفعل عمل المفتشية العامة للدولة، وما ترتب عليه من إجراءات عقابية لمن ثبت تورطهم ، في خطوة من شأنها تعزيز الشفافية وحماية المال العام وهو هدف هام واستيراتيجى يحافظ على موارد الدولة .
لا شك أن المتابع وبشكل موضوعى سيلاحظ الديناميكية التي عرفها العمل الحكومي منذ تولي الوزير الأول المختار ولد أجاي رئاستها، مما بعث روحا جديدة في الأداء العمومي، بعد أن اصيب فى المراحل السابقة بالرتابة والتراخى، حيث تم إطلاق برامج استراتيجية كبرى وضعت الخطط لمتابعة تنفيذها، رغم حملات التشويش والانتقاد، التي لم تنل من تماسك الفريق الحكومي الذي ينفذ رؤية رئيس الجمهورية وبرنامجه الانتخابي.
على الصعيد الخارجي، عززت موريتانيا حضورها الدبلوماسي، بتوليها رئاسة عدد من الهيئات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها رئاسة الاتحاد الإفريقي، التي أعادت للبلاد دورها على مستوى الساحة القارية، بفضل قيادة حكيمة نالت التقدير والتكريم من الشركاء ، لنجاح اسياستها الخارجية المتزنة .
وفي اطار الاهتمام بالقضايا المركزية ، شكل الموقف الوطني الموريتاني الرسمى والشعبى من العدوان على الشعب الفلسطيني في غزة محطة بارزة، حيث عبرت موريتانيا، قيادة وشعبا، عن رفضها للجرائم المرتكبة، وقدمت مختلف أشكال الدعم السياسي والمادي، تأكيدا لانحيازها الدائم لقضية الأمة المركزية قضية فلسطين التى ستبقى حاضرة حتى يتحرر كامل التراب الفلسطيتى من رجس الكيان الصهيونى.
وفي مجال الإصلاحات الهامة التى تساهم فى تعزيز الديمقراطية واحترام حقوق الانسان وبسط الشفافية ومحاربة الفساد، سجلت خطوات واعدة في قطاع الإعلام، بعد انتظار طويل منذ إعلان التعددية، من أبرزها إطلاق البطاقة الصحفية المهنية، والعمل على تحديث الإطار القانوني المنظم للمهنة، وهو ما يؤمل أن يفتح الباب أمام إعلام وطني محترف، يواكب الإصلاحات والمشاريع الوطنية ويساهم فى الاستقطاب اعلام يفتح ابوابه لكل الطيف ويكون قادرا على رفع التحديات التى يشكلها انفجار الاعلام الرقمى الجديد.
نعم تاتى الذكرى الأولى لتنصيب فخامة رئيس الجمهورية لمأمورية ثانية كتوقيت مناسب لاستحضار ما تحقق فعلا، وما لم يتحقق بعد، تمهيدا لتثمين المنجزات، أو المطالبة بالمزيد منها، في سبيل بناء موريتانيا المستقبل، بما يليق وتطلعات الشعب، في ظل قيادة وطنية حكيمة ومسؤولة.
لكن هذا المسار الطموح لا يمكن أن يكتمل دون اختيار الأدوات القادرة و المؤهلة، والابتعاد عن منطق المحاصصة والترضية، والاعتماد على الكفاءة والخبرة، إلى جانب تعزيز التضامن الحكومي، والابتعاد عن المزايدات السياسية وخطابات الكراهية التى يحاول البعض لاهداف سياسية محضة ان تبقى هي سيدة الموقف من خلال استغلال منابر شبكات التواصل الاجتماعى..
لقد شكلت القيادة الحكيمة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزوانى رؤية وطنية مستنيرة ، توازن بين الاستقرار السياسي، والتنمية الاقتصادية، والتقدم الاجتماعي.
بالوحدة، والعمل، والإخلاص، نحقق اهداف موريتاتيا الحاضر من اجل المستقبل..
دامت موريتانيا حرة، موحدة، مزدهرة، وآمنة.
محمد سالم ولد الداه/ نقيب الصحفيين السابق