الأمة العربية، ما بعد القوميين العرب، إلى أين بعد أسقاط دمشق، وإستكمال سد النهضة في أثيوبيا:

ذهب العصر الخليجي بالأمة العربية، إلى حقبة جديدة، بمساهمتهم في إحتلال العراق 2003م، واستباحة ليبيا 2011م، وإسقاط سوريا2024م، حيث قادت المملكة العربية السعودية الصراع العربي العربي حول (الدولة القائدة) بكل ما تملك من مال وسياسة منذ أيام جمال عبد الناصر، حتى وصلت الأمة لما وصلت له اليوم في الألفية الجديدة، حيث تم لها إخراج القوميون العرب بتنوعاتهم تماماً من المشهد السياسي العربي ومن سدة الحكم، بفعل العداء والحروب العربية العربية، وبفعل شراء مراتب الكثير من من قادة أحزاب وتنظيمات القوميين العرب الذين إنقلبوا بفعل قذائف الريال السعودي، وباعوا بعضهم البعض، بل وساندوا الحروب على عواصم القوميين العرب بالبيانات والهجمات الإعلامية.

فالمال الخليجي هو من مول كل العمليات اللوجستية من حروب مستمرة، بدأ من معاداة أية نظام عربي قومي (مصر عبد الناصر - العراق – ليبيا – سوريا – اليمن)، أو قوة عربية مقاومة في لبنان او فلسطين، حتى وصل للحرب المباشرة، حيث مولت دول الخليج الحرب على العراق، وعلى ليبيا، وعلي سوريا، وعلى المقاومة العربية اللبنانية والفلسطينية، حتى تم تدميرها وإسقاطها.

وأخر تجليات هذا العصر الخليجي نجاح التمويل الخليجي لــ(سد النهضة في أثيوبيا)، والذي أنجز مراحله الثلاثة كاملة، وإحتفل الاثيوبيين الأسبوع الماضي بإنتهاء مراحل السد، وتثبيت صنبور التحكم التاريخي في مياه النيل روح الحياة في مصر والسودان، والذي غير للأسف تاريخيا المسألة الإستراتيجية في المنطقة ووضع مصر والسودان تحت رحمة التموضع السياسي الأثيوبي وإرتباطاته وتبدلاته، وراحت كل حشرجات أخوتنا في مصر منذ عام 2011م، فلا معنى اليوم لأي تفسيرات والسد قد صار واقعاً، بفعل تراخي مصري سوداني، وبفعل تأمر دولي وتمويل عربي خليجي للإسف، على نفس سياقات الحروب الخليجي على أي قوة مقاومة عربية او لربما ستقاوم في المستقبل المشروع الغربي الذي يجري تنفيذه على جسد الأُمة.

اليوم خلت الساحة العربية سياسياً وإعلامياً لأخوتنا الخليجيين (خاصة المملكة العربية السعودية)، يتحكمون في كل شاردة او واردة في المنطقة العربية، أمامهم الوضع العربي بكل ما فيه، لم يعد ثمة من ينافسهم لا من العراق، ولا من ليبيا، ولا من سوريا، بل هم إشتروا تقريبا أغلب قادة التنظيمات القومية العربية، وركعوهم هناك في فنادق الرياض يبررون حروبها على شعوبهم، وصارت (المملكة العربية السعودية هي الدولة القائدة) اليوم والوحيدة، ومن ورائها باقي دول الخليج خاصة الإمارات العربية المتحدة وقطر، أي مجلس التعاون الخليجي.

إلى أين الأن سيقود الأمة أخوتنا الخليجيين (وخاصة المملكة العربية السعودية)، فلا أحد يعرف الوجهة، وأخوتنا لم يبينوا للأمة ما هو برنامجهم العربي، فيما يتعلق بالإرادة العربية، وسيادة الدول العربية، وفي قضية فلسطين، ووحدة العراق، ووحدة سوريا، ووحدة ليبيا المنقسمة، هل هم مستعدون للعمل بما يحقق المصالح العربية، ام أن دورهم دائماً مكرس فقط ضد من يحاول أن يعمل يناصبونه العداء، ويصنعون ويبتكرون له المعارك الجانبية، يحركون قسم الفتاوي في المخابرات السعودية يكفره ويجرمه بالفتاوي المنظمة، ويألبون عليه الرأي العام العربي، بفعل تمكنهم من السيطرة على فضاء الوعظ الديني، وعلى فضاء التحكم الإعلامي في الرأي العام العربي.

إنها أسئلة مشروعة، أضعها أمام قوى الأمة العربية اليوم، لمن يستوعبون حقيقة الإنتقال الخطير في الوضع العربي، ودخول منطقتنا العربية حقبة جديدة، خطيرة، تتطلب من المناقشة الجادة والواعية والجريئة والصريحة، ليس كرها في أحد او معاداة له، وإنما ممارسة للدور الفكري والسياسي والمساهمة في بلورة رؤية او في أقل تقدير توعية الرأي العام العربي بحقيقة المرحلة وظروفها وواقعها.

والله من وراء القصد ..

محمد عمر غرس الله ..