قمة الدوحة: بين الزئير الأجوف والواقع الأليم

تترقب العيون العربية، بل والعالمية، ما ستسفر عنه قمة الدوحة من قرارات وتوجهات. لكن، وبينما يحلم البعض بقرارات حاسمة تغير من معادلة القوة في المنطقة، يدرك الواقعيون أن مخرجات هذه القمة لن تخرج عن المألوف. فكعادة القمم العربية، ستكون النتائج عبارة عن سلسلة من الإدانات والتنديدات، المتفق عليها مسبقًا، والتي تحمل في طياتها شعارات رنانة، لكنها بلا أنياب ولا مخالب. وكأننا نشاهد مسرحية أُعيد تمثيلها مرارًا وتكرارًا، مع تغيير بسيط في أسماء الممثلين، لكن السيناريو يبقى هو نفسه، والنتيجة دائمًا هي الصفر المجهول.
هذا المشهد يذكرنا بذاك الذي يملك سلاحًا ناريًا حديثًا، لكنه يقف عاجزًا عن استخدامه لأنه لم يجرؤ على نزع زر الأمان. إنه العجز المتعمَّد، الذي يختبئ وراء ستار البروتوكولات الدبلوماسية والبيانات الختامية. فبدلًا من أن تتحول القمة إلى منصة لإطلاق شرارة عمل عسكري أو دفاعي مشترك، تكتفي بأن تكون منصة لإطلاق شرارة التنديد والاستنكار. وكأن الهدف هو إرضاء الجمهور العربي الغاضب، وإيهامه بأن هناك من يعمل من أجله، بينما الحقيقة هي أن الحلول الملموسة لا تزال محبوسة في أدراج الحكومات، بانتظار إشارة لن تأتي أبدًا.
ولعل الأدهى في هذا المشهد هو غياب الإرادة الحقيقية في التغيير. فالقمم العربية، بما فيها قمة الدوحة، أصبحت أشبه بجلسات علاج جماعي، حيث يجتمع القادة للتعبير عن آلامهم ومخاوفهم، لكنهم يغادرون دون وصف دواء حقيقي. وكأنهم يخشون من أن يؤدي الدواء إلى عواقب وخيمة، فيفضلون البقاء في حالة المرض المزمن. هذا العجز ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج تراكمات وتجارب مريرة، أثبتت أن اللغة المشتركة لا تعني دائمًا العمل المشترك، وأن الحدود الجغرافية لا تعني دائمًا وحدة المصير.
فهل يمكن أن تخرج قمة الدوحة عن هذا النمط؟ هل يمكن أن تُفاجئنا بقرارات جريئة وحاسمة تُحدث فارقًا حقيقيًا على أرض الواقع؟ أم أننا سنستمر في مشاهدة نفس المسرحية، في كل مرة، حتى يمل الجمهور من التصفيق، ويدرك أن العرض قد انتهى، قبل أن يبدأ؟
محمد علوش القلقمي