نوفمبر: موريتانيا.. الحصن المنيع ودرع الاستقرار في عُمق الساحل الملتهب

نوفمبر المجيد، شهر الانعتاق والاستقلال الوطني الذي دُحر فيه المستعمر الفرنسي وخرج يجر أذيال الهزيمة، ليجدد العهد بالسيادة والعزة للجمهورية الإسلامية الموريتانية. وفي هذه السنة، يتخذ تخليد اليوم الوطني طابعاً استثنائياً عبر عرض عسكري مهيب، هو بمثابة رسالة قوة خاصة وعامة ومهمة للعالم بأسره!
في ظل الأوضاع الأمنية والسياسية الإقليمية والدولية المتوترة، لا سيما التوترات المحتدمة بين المغرب والصحراء الغربية، والأوضاع في مالي، والتحركات الخطيرة للجماعات المتطرفة، تبرز موريتانيا كـضابط استقرار لا غنى عنه في المنطقة. هذا الدور المحوري ليس وليد الصدفة، بل هو ثمرة مقاربتها الأمنية الفاعلة والفريدة التي نجحت بامتياز في مكافحة الإرهاب ودحره، لتتحول البلاد من "نقطة ضعف" محتملة إلى نموذج يُحتذى به في الصمود والأمن. إنّ النجاح الموريتاني في الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الساحل والصحراء هو إنجاز استراتيجي يجب تثمينه والإشادة به عالياً. لقد أثبتت هذه المقاربة الشاملة، التي تجمع بين الصلابة الأمنية والتنمية، قدرتها على تحييد التهديد الإرهابي وحماية البلاد ومحيطها، كما تُثمَّن جهودها الجوهرية في مكافحة الهجرة غير النظامية عبر تفعيل الرقابة الحدودية والتعاون الوثيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتنظيم تدفقات الهجرة.
إن العرض العسكري ليس استعراض للقوة، بل هو تتويج لمسيرة تطوير البنية التحتية للقوات المسلحة والأمن الوطني. لقد شهدت السنوات الأخيرة نقلة نوعية في التجهيز والتدريب، بما في ذلك إنشاء مؤسسات تعليم عسكري عالٍ، وفي البنية التحتية العسكرية التي تضمن الاستقلالية اللوجستية، وتعزز القدرة على العمليات الاستباقية. في هذه الظرفية الدقيقة، تأتي أهمية العرض العسكري لتؤكد على جوهرية دور موريتانيا في المنطقة. فهي جسر استراتيجي يربط المغرب العربي بأفريقيا جنوب الصحراء، وحصن يذود عن استقرار إقليمي أوسع. إن رسالة الاستقلال هذا العام هي: "موريتانيا ستبقى قلعة الأمن وواحة الاستقرار، تدافع عن سيادتها وتساهم بفعالية في صون أمن جيرانها، بتوفيق من الله، ثم بقوة جيشها ووعي شعبها.
محمد علوش القلقمي