البرنامج الاستعجالي لتنمية الولايات: 260 مليار قديمة للرفع من مستوى الخدمات في 218 بلدية

في إطار متابعة إطلاق البرنامج الاستعجالي لتنمية ولاياتنا ومقاطعاتنا وبلدياتنا، لا يمكن إلا أن نستحضر واقعا ندركه جميعا ونعرف صعوبته وخطورته وهو وضعية العاصمة نواكشوط ومقارنته بالداخل.
فقد جاء البرنامج الاستعجالي لتنمية العاصمة نواكشوط في ظروف ملحة ومطلب شعبي لتحسين الخدمات وإنتشال العاصمة من وضعية بؤس تعيشها منذ أن ضرب الجفاف في السبعينيات مناطق واسعة من الوطن وتسبب في نزوح وهجرة كبيرة من الريف إلى العاصمة مع كل المضاعفات التي ألقت بكلكلها على العاصمة الفتية وجعلت منها عاصمة فقيرة تنمو بشكل عشوائي، لذلك جاء برنامج تنميتها كفكرة عظيمة طال إنتظارها.
وبالتالي فإن تخصيص برنامج استعجالي لتنمية نواكشوط شكل خطوة أولى لبرنامج شامل ومتعدد المكونات، فالعاصمة قبلة لكل من يريد العلاج والعمل والتعلم.
ولست بصدد تقييم ما تم إنجازه حتى الآن بقدر ما أسعى إلى الإشارة إلى قيمة الفكرة وأهميتها، لكن المهتم بالموضوع يمكنه أن يلاحظ أن نواكشوط أصبح منذ بدء تنفيذ البرنامج ورشة كبيرة يشرف الوزير الأول بنفسه على متابعة الأشغال فيها وخرجاته الدائمة وزياراته الميدانية شاهدة على ذلك. فالعاصمة اليوم تتوفر على أسطول من الحافلات الجميلة تربط أجزاء العاصمة ببعضها البعض وبأسعار بسيطة في متناول المواطنين في المناطق النائية.
أما البرنامج الاستعجالي لتنمية ولاياتنا ومقاطعاتنا وبلدياتنا في الداخل وبالتزامن فهو أيضا فكرة عظيمة وحدث لم يسبق له مثيل بالكم والكيف.
فقد أطلق فخامة رئيس الجمهورية يوم الخميس 06/11/2025 من مدينة النعمة البرنامج الاستعجالي لتعميم النفاذ إلى الخدمات الضرورية للتنمية المحلية.
تجربتي الشخصية أيام كنت النائب الأول لعمدة بلدية مركزية ( ألاك-لبراكنة) وأنا في عز الشباب (27 سنة) تجعلني أفهم وأقدر حجم المهمة والتحديات وأهميتها لمواطنين ينتظرون بفارغ الصبر هذا البرنامج، فبوصوله لن تعود البلديات تنتظر الصندوق الجهوي للتنمية وهي التي تقتصر ميزانيتها في الغالب على ميزانيات تسيير لا إستثمار وسيشمل البرنامج مجال التعليم والصحة والخدمات الأساسية وسيساهم في تثبيت المواطنين في أماكنهم في الداخل، فالخدمات ستصلهم حيث هم ولا داعي للنزوح. وسيشكل تحولا نوعيا في مسار التنمية المحلية وخطوة عملية هامة لترسيخ الإنصاف والعدالة المجالية والتوزيع العادل للثروة، فهو يمتاز بالشمولية من حيث تعدد المكونات والمناطق المستهدفة وسيخلق ديناميكية غير مسبوقة لمعالجة الإشكالات البنيوية التي كانت تعيق مسيرة البلاد التنموية والرفع من فعالية الخدمات الأساسية المقدمة للمواطنين على عموم التراب الوطني.
وبمناسبة هذا الحدث الوطني الهام لم يفوت فخامة رئيس الجمهورية الفرصة للتذكير بأن وحدتنا الوطنية هي صمام الأمان وأن صيانتها وتنميتها أوجب الواجبات، حيث يقول في خطابه يوم الخميس في النعمة : " إنه من الواجب أن يقف الجميع صفا واحدا في وجه الممارسات والخطابات الضارة، فذلك هو السبيل لتعزيز اللحمة الوطنية وترسيخ الانسجام بين أبناء الوطن الواحد، لأن هذا البلد لجميع أبنائه ويسعهم جميعا دون استثناء "

حفظ الله بلادنا آمنة مستقرة ومزدهرة
د/ المصطفى أفاتي