مصر وموريتانيا.. قمة رئاسية ومخرجات توافقية

مصر وموريتانيا.. تاريخ ممتد من العلاقات، وحاضر ملىء بالتفاعلات، ومستقبل واعد بالشراكات الاستراتيجية، تلك هى حقيقة ما عكسته زيارة الرئيس الموريتانى محمد ولد الغزوانى إلى مصر لمدة ثلاثة أيام (4-6 يونيو الجارى).

تلك الزيارة التى تعد الأولى من نوعها للرئيس الغزوانى إلى القاهرة منذ انتخابه، والخامسة للرئاسة الموريتانية إلى القاهرة منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى فى يونيو 2014، إذ سبق أن زار الرئيس الموريتانى السابق مصر فى عام 2015 لحضور القمة العربية فى دورتها الـ 26، وفى العام نفسه شارك فى حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، كما زارها أيضا فى عام 2016، وفى عام 2017 رأس وفد للمشاركة فى فعاليات منتدى شباب العالم، وخلال كل هذه الزيارات أُجريت محادثات رئاسية بين الجانبين تناولت مختلف مجالات التعاون الثنائى، إلى جانب مناقشة القضايا محل الاهتمام المشترك عربيا وافريقيا وعالميا.

واليوم تأتى تلك الزيارة لتشهد العلاقات المصرية الموريتانية محطة جديدة فى مسيرتها التعاونية، تلك المحطة التى اكتسبت أهميتها من بعدين مهمين: الأول، توقيت الزيارة، حيث يحمل هذا البعد دلالات عدة، منها أنها جاءت عقب القمة العربية التى اعتبرها الكثيرون من أهم القمم العربية التى شهدت تسوية الأزمة العربية بشأن الملف السورى، إلا أنه على الجانب الآخر، ظلت الأزمة المغاربية قائمة بين الجارتين المغرب والجزائر، وما يحمله ذلك من انعكاسات على الأمن القومى الموريتانى بصفة خاصة والأمن المغاربى على وجه العموم، وهو ما أدركته القيادة السياسية الموريتانية بأهمية تعزيز الشراكة مع مصر فى محاولة منها لدعوتها للعب دور ملموس فى هذا الملف المغاربى المشتبك.

ومن دلالة التوقيت أيضا أن الزيارة جاءت فى خضم اشتعال الأزمة السودانية السودانية والتى تحمل تداعيات عدة على أمن القارة الإفريقية برمتها وفى الأخص أمن الجوار الجغرافى والذى يمتد بتأثيراته على الأمن الموريتانى، وتحمل موريتانيا هما كبيرا بشأن القضية السودانية، بل يزداد الهم مع تفاقم الأزمة الليبية من ناحية، والتوتر فى الجارة الموريتانية السنغال من ناحية أخرى، الأمر الذى يعكس تشابه الوضع الذى أضحت فيه الدولتان (مصر وموريتانيا) بسبب التوترات المتصاعدة على حدود كل منهما، بما يستوجب المزيد من التنسيق والتعاون المشترك وتبادل الرؤى والاقتراحات وبناء السياسات القادرة على مواجهة هذه التحديات، وهو ما عكسته تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسى بقوله: «المباحثات تناولت مختلف الموضوعات الثنائية والإقليمية والدولية، وعكست إرادتنا السياسية لتعزيز العلاقات بين البلدين والارتقاء بها فى مختلف المجالات»، وهو المعنى ذاته الذى أكده الرئيس محمد ولد الغزوانى حينما أكد على أهمية الدور البارز الذى تلعبه القاهرة فى القضايا الكبرى.

أما البعد الثانى الذى يُكسب هذه الزيارة أهميتها يأتى مما شهدته من توافقات مشتركة بين البلدين بشأن العديد من الملفات والقضايا من ناحية، وما تم على هامشها من لقاءات رسمية من ناحية أخرى، وما تم خلالها من توقيع بروتوكولات ومذكرات للتفاهم بشأن تعزيز وتفعيل مسيرة التعاون المشترك فى المجالات المختلفة من ناحية ثالثة.

ملخص القول إن القمة الرئاسية المصرية الموريتانية تؤكد على عمق التفاهم المشترك بين القيادتين بشأن عدد من القضايا والملفات، ذلك التفاهم الذى يعكس سعيهما نحو بناء شراكات استراتيجية بشأن مختلف المجالات التعاونية التى تنعكس مردوداتها على الشعبين الشقيقين، فمصر هى البوابة الشرقية للقارة الإفريقية وموريتانيا هى البوابة الغربية التى يعزز تفاعلهما مسيرة التعاون العربى العربى من ناحية والعربى الإفريقى من ناحية أخرى.

د.رانيا أبو الخير/ الأمين العام للمنتدى العالمى للدراسات المستقبلية.