سبحان من عزك يا بصل . .

يعد البصل مادة غذائية مكملة لكنها أساسية في الوجبة اليومية الموريتانية علي غرار الخبز الذي يتقاطع فيه الغني و الفقير.
فلا صوت يعلو هذه الأيام فوق صوت البصل و لا سعر يعلو أيضا فوق سعره .
في ظل ارتفاع غير مسبوق لأسعار مادة البصل أمام صمت وسكوت الحكومة و نوم الأحزاب.
حيث تجاوز سعر الكلغ الواحد من مادة البصل حدود 1000 اوقية قديمة .
و هي تمثل بالمناسبة أكثر من نصف ما يتقاضاه يوميا العامل البسيط الكادح من طلوع الشمس إلي غروبها طبقا لتوصيات قانون الحد الأدنى للأجور الذي يشمل فئات عمال واسعة و عريضة داخل المجتمع تعيل مئات الأسر.
لدرجة أن أصبح يتعين علي الناس أن يتكيفوا مع الظروف الجديدة .
وهذا ما يعني أحيانا تغيير ما أعتادوا عليه من أطعمة.
في حين يرجع بعض المحللين الإقتصاديين إرتفاع أسعار مادة البصل إلي عدة أسباب أبرزها قلة المعروض داخل الأسواق و تراجع المحاصيل دوليا.
و في سياق آخر قد يدرك البعض أن هذا الارتفاع المذهل في سعر مادة البصل عائد إلي ضعف و تدني القوة الشرائية للأوقية في ظل التراجع الملاحظ مؤخرا للعملة الوطنية أمام العملات الأجنبية المهيمنة علي إقتصاد العالم.
بالإضافة إلي الحديث عن زيادة رسوم جمركة المواد الغذائية المستوردة و رفع الدعم عنها ضمن خطة تشجيع و دعم منتجات غذائية محلية لم تصل بعد لمرحلة الإكتفاء الذاتي
في ظل تقاعس و عزوف رجال الأعمال الموريتانيين عن الإستثمار في القطاع الزراعي و خلق الأسواق و فرص العمل المناسبة.
و هو تصور مستبعد تماما لا يستند إلي أساس واقعي بحكم ما حصل من ارتفاع لسعر مادة البصل دون غيرها من المواد الغذائية .
خاصة أنها مستوردة في عمومها من الخارج.
بينما هناك من ربط بين هذه الظاهرة و تداعيات التضخم الذي ضرب الإقتصاد العالمي و قلل من القوة الشرائية للمستهلكين .
حيث أن السبب الأساسي لزيادة الأسعار هو التفاوت بين العرض و الطلب.
في ظل إعتماد نظام ليبيرالي يعد اليد الخفية التي تحكم الأسواق عبر نفوذ و بسط سيطرة التجار.
و في ضوء هذه الأزمة ألقي بعض المواطنين اللوم علي التجار الموريتانيين حتي لا أقول الوطنيين .
في تخزين المواد الغذائية لخلق نقص مصطنع يسمح لهم برفع الأسعار و توريط الحكومات في ظل غياب الآليات وتراخي الجهات المعنية و صعوبة الرقابة و الإنفلات من العقاب.
و أن مرد ذلك كله هو تعود و جشع التجار و حبهم التربح علي كاهل المواطن البسيط البائس و التائه .
ما يثير المخاوف و القلق لدي عامة الشعب هو ارتفاع الأسعار لأسباب و عوامل خارجية و عدم تراجعها بعودة الأمور إلي طبيعتها .
ففي ظل ما يحصل من إرتفاع مضطرد للأسعار كثيرا ما تصاحبه أصوات مطالبة بحملة مقاطعة لعدد من السلع للتقليل من شأنها في إطار رد فعل شعبي قد لا تتسع دائرته لضعف الإرادة و مستوي الإحباط .
بالمقابل دخل رئيس الإتحاد الوطني لأرباب العمل الموربتانيين السيد زين العابدين ولد الشبخ احمد علي خط الأزمة بضغط و توجيهات من الحكومة ضمن جهود الحل و التهدئة مطمئنا المواطن و المستهلك بأن مشكلة التموين بالبصل في طريقها إلي الحل و أن الأسعار ستعود لوضعها الطبيعي دون أن يحدد مستوي و نوع التراجع في الأسعار و لا طبيعة الإجراءات .
بالتزامن مع وصول سفينة محملة بتموينات البصل تم تفريغ حمولتها بميناء انواكشوط.
و قد ارجع أسباب نقص مادة البصل في الأسواق المحلية و ارتفاع أسعارها إلي تأخر حصاد المنتوج في هولاندا.
بالإضافة إلي اتخاذ السلطات المغربية قرار توقيف تصديرها لأسباب تخصها.
عذر غير مقبول يدخل في إطار البحث عن تبريرات تمتص غضب الشارع من خلال تقديم مسوغات مرفوضة منطقيا.
بحجة إمكانية البحث عن مصادر تموين و بدائل أخري خارج إطار الدولتين.
إذا ما علمنا أن مادة البصل تنتج دوليا علي نطاق واسع و بفائض كبير داخل مصر ، الصين الهند ، الباكستان ، تركيا ، اسبانيا ...و غيرها.
تأسيسا لما سبق بات من الضروري في ظل تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة و تأثيراتها علي أسواق الطاقة و الحبوب و التحديات الأمنية داخل المحيط الإقليمي الشروع في إنشاء صندوق دعم خاص لكبح غلاء الأسعار يهدف إلي تثبيت الأسعار و ضبط الأسواق و حماية المستهلك في حالات الأزمات الطارئة المرتبطة بالمواد الغذائية.

حفظ الله موريتانيا.
اباي ولد اداعة.