شيء من التاريخ في يوم اللغة العربية

يقول الدكتور محمد المختار ولد اباه طيب الله ثراه، في مذكراته (رحلة مع الحياة) - الصفحة(250)/ متحدثا عن عن الدراسة المعدة حول تعديل ومراجعة المنهج الفرنسي المعتمد منذ ماقبل الاستقلال في المدارس الوطنية:

"وكانت هذه الدراسة تستهدف بلوغ أقصى حد ممكن من الاستقلال الثقافي وإدماج ما يمكن إدماجه من الثقافة الشنقيطية في النظام المورث عن المستعمر.
وهي عملية تعترضها صعوبات جمة، منها التناقض بین الثقافتين في الأهداف والتوجيه والمضامين، فالتعليم العمومي نظام علماني (laïque) لا مجال فيه للدراسات الدينية، وإنما هو نسخة من النظام الذي أسسه جيل فيري (Jules Ferry) ضد التعليم الكنيسي، فكان من نتائج اعتماده فصل منهجه ومقرراته عن المعارف الشنقيطية التي حافظت عليها مؤسسة المحظرة، وإذا كانت مواده العلمية لا تثير ،مشكلة، فإن مضامينه في العلوم الإنسانية قد أدت إلى محاولة المس من جوهر الثقافة الإسلامية، فمادة التاريخ المقررة تشير إلى تمجيد الحضارة الفرنسية وانتصاراتها على المد الإسلامي في أوروبا والتنويه ببطولة "شارل مارتل (Charles Martel) في معركة "بواتي" (La bataille de Poitiers)، وبالحروب الصليبية التي كان من أبطالها سان لوي" Saint-Louis) الذي لقي مصرعه في إحدى هذه المعارك.
ويلتقي التاريخ مع الأدب الفرنسي في بعض المواضيع حينما تدرس في المواد الإسلامية مسرحيات "كورني" (Pierre Corneille) مثل مسرحية "السيد" (Le Cid) والتي تستند إلى انتصارات المسيحيين على المستعمَرين الذين كانوا يلقبون بعبدة الأوثان.
وقد يوجد ضمن هذه المقررات بعض النصوص الأدبية التي تعترف بمكانة الحضارة العربية والإسلامية، ومنها نماذج من أشعار لامارتين (Lamartine) وفيكتور هيغو (Victor Hugo).
وإذا كانت مؤلفات "باسكال (Pascal) قد استهوت بعض التلاميذ في السلك الثانوي، فإن ذلك تم لعدم اطلاعهم على بعض تفاصيلها التي تنتقد الإسلام ورسول الإسلام عليه الصلاة والسلام في سخرية واضحة، وتلك السخرية كانت من أساليب فولتير (Voltaire) في مؤلفاته وبالخصوص في قصة "كانديد" (Candide)، فكان مجمل هذه البرامج المقرر على أبناء موريتانيا يحمل كثيرا من التشكيك والازدراء لقيم الحضارة الإسلامية، فكان من الملح أن يواجه هذا الخلل بفتح الطريق أمام الثقافة الشنقيطية لتصل إلى مستوى من التوازن يعطي للثقافة الإسلامية حقها في عقر دارها".

من هنا بدأ مشوار التعريب وتصويب المناهج، ليستعيد التعليم الوطني هويته الإسلامية والعربية بعد استلاب وتغريب من طرف المستعمر الذي كان يدس السم في العسل ويستهدف مسخ هوية الأمة من خلال التعليم.

كامل الود