صناعة المحتوي و الشهرة و التفاهة

باتت منصات و وسائل التواصل الإجتماعي أو ما يسمي بالإعلام الإجتماعي البديل نظرا لما يقوم به من أدوار متعددة الأبعاد منها ماهو سياسي إجتماعي أو ثقافي ... الخ
مؤثرة في المجتمعات في ظل التطور المتسارع لإستخدام التكنولوجيا الرقمية في ضوء عولمة عارمة غزت البيوت و استباحت الأعراض و تجاوزت القيم .
بالإضافة إلى ما شهده العالم من تحولات إجتماعية كبري .
ولما تتميز به هذه الوسائل من شعبية كبيرة و مستخدمين و متابعين حول العالم .
لدرجة أنها أصبحت تؤدي دورا رئيسيا في بناء الوعي وصارت ركنا أساسيا للتواصل اليومي و استقبال المعلومات .
بينما تظل في الوقت ذاته حاملة و مروجة لأحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول و المجتمعات و ملاذ آمن للتقول و التهويل وبئة حاضنة للعنف اللفظي و نشر الكراهية و الحقد الدفين .
في ظل لجوء البعض إلي توظيفها بشكل سيئ في نشر الشائعات و إشاعة الأكاذيب المغرضة و المغالطات المضللة تارة بحجة حرية التعبير أو بدوافع و مصالح ضيقة .
وبما أن مساحة حرية الطرح في مواقع التواصل الاجتماعي واسعة و كبيرة .
فإننا نري معظم صناع محتويات التفاهة يتصدرون المشهد الوطني من خلال محتوي أو منشورات مواقع التواصل الإجتماعي او صور أو فيديوهات أو مقاطع صوتية بودكاست أو حتي أعمال ادرامية أو ترفيهية رمضانية و غيرها عبر الفضاء الأزرق أو من خلال الإعلام المرئي .
تعرف تقنية صناعة المحتوي أو إنشاء المحتوي بأنها المساهمة في نشر معلومات في سياقات محددة عن طريق وسائط الإعلام الرقمي للتعبير عن الذات و التوزيع و التسويق أو النشر .
و ذلك لفائدة المستخدم النهائي أو المتقبل و هو الجمهور .
إلا أن فئة كبيرة من شرائح المجتمع تستغل الجانب السلبي لهذه التقنيات و الخدمات مما يشكل إساءة لهم و لمحيطهم و للمجتمع بشكل عام .
حيث أضحت تلك التقنيات و الخدمات أداة لهدم الأخلاق و الثقافة المجتمعية و السلم المجتمعي .
ظهرت معها عادات سيئة و ثقافة هابطة و مستويات أخلاقية منحطة و رديئة من قبل بعض التافهين الذين يسمون أنفسهم اليوم بالمشاهير أو النجوم .
في ظل ما يروجون له من تفاهات و سخافات و انحطاط أخلاقي لا حدود له .
فباتوا لذلك يتصدرون المشهد و يقودون جيل الشباب كقدوة بحثا عن الحضور و الشهرة و المال و المنصب بأي شكل و بأي طريقة كانت
فالمهم لديهم هو الحصول علي مرادهم .
في حين نجد القنوات الفضائية و التلفزية تتسابق لإستضافتهم .
و يحتفي بهم في مناسبات إحتفالية و علي هامش مهرجانات توزع فيها الألقاب و الجوائز و المكافآت .
إذ يصنفون علي أنهم مشاهير الفضاء الإفتراضي و صناع المحتوي الترفيهي
إنه زمن السخافة و الوقاحة فإن لم تستح فأفعل ما شئت !
تجدهم يرفعون شعار كل شئ ممكن و كل شئ مباح بغرض زيادة عدد المتابعين و حصد المزيد من الإعلانات بغية تحقيق نسب مشاهدة عالية.
فكلما زادت تفاهتهم زادت نجوميتهم .
ضاربين عرض الحائط كل القيم و الأخلاق و المبادئ و الثوابت الدينية و الوطنية .
فصناع التفاهة حسب الفيلسوف الكندي المعاصر آلان دونو مؤلف كتاب < نظام التفاهة >
la médiocratie
يدعم بعضهم البعض ليرفع كل منهم الآخر و لتقع السلطة في الأخير بيد جماعة تكبر بإستمرار و لا تمتلك أي مقومات سوي هاتف محمول يشمل تطبيقات يبثون من خلالها تفاهاتهم و سخافاتهم ليس إلا .
ليتأكد لديه أن صناعة التفاهة هو النظام الإجتماعي الذي تسيطر فيه طبقة الأشخاص التافهين علي معظم مناحي الحياة .
بموجب ذلك يتم مكافأة الرداءة و الوضاعة و التفاهة ..
بدلا من الجدية و المثابرة و الجودة في العمل .
تأسيسا لما سبق يبقي الوعي بخطورة صناعة التفاهة و المحتويات الفارغة و أثرها داخل المجتمع و علي المنظومة الأخلاقية و القيمية خير سبيل للتحصين ضد هذه الآفة الطارئة و المدمرة .
نزولا عند روائع احمد شوقي الشعرية .

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا .

رمضان كريم .
اباي ولد اداعة .