دعاة الفتن و التفرقة والرقص المرفوض علي إيقاع زيارة الرئيس السينغالي

أختار الرئيس السينغالي الجديد السيد بصيرو ديوماي فاي .
موريتانيا كوجهة لأول زيارة له خارج الديار بعيد تنصيبه رئيسا للبلاد .
بعد ما جرت العادة من خلال الأعراف و التقاليد الدبلوماسية السينغالية .
أن تكون أولي زيارة لكل رئيس منتخب جديد خارج البلاد من فرنسا البلد المستعمر كما حصل مع جميع الرؤساء السابقين .
لإعتبارات بعضها موروث عن الحقبة الإستعمارية علي سبيل التبعية العمياء و الولاء التام .
يعتبر تجاهل القادة الجدد هذه المرة لفرنسا رغم تلقيهم دعوة رسمية من الرئيس ماكرون لزيارة باريس خطوة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات بين البلدين و خروجا علي المألوف دبلوماسبا في ضوء التوجه الإفريقي الجديد لرئيس السينغال باصيرو في ظل تراجع دور فرنسا داخل مناطق نفوذها التاريخية و الرفض الشعبي المتكرر لها و عدم الرغبة في تواجدها داخل منطقة غرب إفريقيا .
و قد لاقي إختيار الوجهة ترحيبا و ارتياحا داخل موريتانيا عبر عنه وزير النفط و الطاقة الناطق الرسمي بإسم الحكومة السيد اناني ولد اشروقة واصفا إياه بالأمثل و الهام لما يحمل من أبعاد و دلالات تعكس متانة العلاقات الأخوية والتاريخية التي تربط البلدين الجارين و حرص الرئيس السينغالي الجديد علي تعزيزها و توطيدها .
تأتي زيارة الصداقة و الإطلاع التي قام الرئيس السينغالي لانواكشوط في إطار تقوية علاقات الأخوة و الصداقة و التعاون الثنائي .
ضمن روابط إجتماعية دينية و مصالح تاريخية جغرافية مشتركة و مصير واحد .
وقيم إجتماعية و ثقافية و علاقات حسن جوار مثالية
إضافة إلي الدور التاريخي الذي لعبته الطرق الصوفية في كل من موريتانيا و السينغال عبر نشر تعاليم الدين الإسلامي و إشاعة ثقافة التسامح و التآخي و التقارب بين الشعبين و تعزيز الوحدة وتكريس تخليد المواسم الدينية و الروحية من خلال التواصل فيما بين الأتباع و الموريدين من جهة و مشايخ الطرق الصوفية من جهة أخري .
إلا أن الطرق الصوفية في السينغال ظلت دائما تقوم بدور رائد في الحياة السياسية لدرجة أن كل الرؤساء السينغاليين المتعاقبين ظلوا حريصين علي التقرب من مشايخ الصوفية تارة بالتظاهر بتقديرهم أو من خلال الإنتماء لهذه الطرق .
كما تأتي هذه الزيارة كرد جميل للزيارة الهامة التي أداها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني للعاصمة السينغالية دكار في ضوء الدعوة الرسمية لحضور فعاليات مراسم حفل تنصيب الرئيس السينغالي الجديد بصيرو .
بوصفه رئيسا دوريا للإتحاد الإفريقي و للجارة موريتانيا
كما تدخل أيضا ضمن بحث الطرفان علاقات التعاون الثنائي و الحرص علي تطويرها و تعزيزها و سبل توحيد الجهود في كيفية النهوض بمستوي التعاون في مجالات مختلفة و خاصة الغاز و النفط مع الشركاء لما يحمل هذا القطاع من آفاق واعدة .
و العمل علي تحسين و توسيع الإتفاقيات المبرمة في إطار قطاع الصيد البحري الذي تقتات عليه مئات الأسر السينغالية و يشغل أعدادا كبيرة من اليد العاملة السينغالية مما ساهم في امتصاص البطالة بشكل واسع داخل السينغال .
في سياق المباحثات عقد الرئيسان الموريتاني و السينغالي لقاءا مطولا مكن من نقاش و استعراض جميع ملفات التعاون المشتركة و في مقدمتها ملف إستغلال الغاز عبر حقل السلحفاة المشترك أحميم الجاري العمل فيه علي قدم و ساق و الذي كان من المنتظر بدء الإنتاج فيه خلال العام الجاري في ظل الحديث عن تماطل و تأخر جديد إلي العام القادم 2025 م .
لقاء خاص سمح من إطلاع كل طرف علي موقف الطرف الآخر من القضايا المتعلقة بمشروع الغاز و من توحيد الجهود و تنسيق المواقف إزاء مراجعة العقد المبرم مع شركة عملاق الغاز البريطانية BP في ضوء نتائج التدقيق المرتقبة و التحقق من أسباب زيادة كلفة الإستغلال و التي وصلت أرقاما عالية تجاوزت عتبة 10 مليارات دولار قبل إستخراج أول قطرة غاز من الحقل .
مما سيقلص استفادة موريتانيا و السينغال من مبيعات الغاز .
حيث كل ما قلت التكلفة الإجمالية كانت استفادة الأطراف أكثر و العكس صحيح .
خاصة إذا ما علمنا أن سقف كلفة العملية برمتها قد حدد سلفا ب 3 مليارات دولار آمريكي .
حجم تكاليف كبيرة و كبيرة جدا ، بررتها BP بالتأخر الكبير الحاصل علي مستوي بدء الإنتاج نتيجة أسباب تأثيرات و تداعيات كوفيد 19 عذر أقبح من ذنب .
في حين يري بعض المراقبين أن هذا الوضع الحرج مرده الخيارات السيئة التي قام بها فريق BP ضمن تباطؤ مقصود لزيادة النفقات .
خاصة إذا ما علمنا أن معظم الشركات العاملة في الحقل و التي تنشط في مجالات و إختصاصات مختلفة الدراسات ،التنقيب ، سيسميك ،اللوجستيك و في مجال إرساء السفينة العائمة و تثبت خطوط الأنابيب ،..الخ هي في معظمها فروع من الشركة الأم BP .
لذا كان من المفروض أن تتحمل BP لوحدها أخطاء فريقها .
لكن ستنضاف بلاشك و بقوة قانون الشراكة و الإتفاقيات بين الشركاء إلي نفقات الإستثمار بشكل عام و التي سيتم تحميلها علي جميع أطراف العقد BP ,كوسموس ، السينغال ، موريتانيا .
الذين لم يخفوا بدورهم مستوي انزعاجهم في العديد من التأجيلات و الشكوك لدرجة التلاعب في صحة الجدول الزمني و كلفة المشروع .
و هو ما أربك و أثار استياء كل من موريتانيا و السينغال حينها .
و التي أدرجت بالفعل هذا الحدث الإقتصادي الهام في فرضياتها للقوانين المالية منذ 2023 م
وفي سياق أعم أفادت بعص المصادر أن عملاق الغاز BP قد تخلي عن إستغلال و تطوير حقل بير الله ذات المخزون الهائل داخل المياه الموريتانية .
و الذي يعتبر الأكثر مردودية من بين الإكتشافات في مجال الغاز علي الإقتصاد الموريتاني .
في ضوء تجاوز الآجال القانونية و إنتهاء صلاحيات العقد دون الدخول أو الشروع في خطوات عملية .
و ما يترتب علي ذلك من فسخ للعقد .
و هو ما سيتيح لموريتانيا فرصا كثيرة .
‐ سيمكنها من التفاوض من جديد من موقف قوة نظرا لأهمية حجم المخزون الكبير و معرفة العالم مسبقا
بمستوي الإحتياط 80 تريليون قدم مكعب .
‐ فرصة البحث عن شريك جديد بدل الإعتماد علي شريك واحد في كل الحقول
‐ الدخول بأكثر من شريك سيسمح بتنافس إيجابي سيخدم المصلحة العامة .
بينما يجمع بعض المحللين علي أن ماتمت مناقشته مع الجانب الموريتاني في ضوء زيارة الصداقة و الإطلاع و توحيد الجهود التي قام بها الرئيس السينغالي بصيرو .
يدخل ضمن إعادة مراجعة الإتفاق مع BP بخصوص إستغلال حقل * احميم * المشترك .
و في إطار الزيارة تم عقد إجتماع موسع ضم وفدي البلدين شمل بحث مختلف مجالات التعاون المشترك .
و قضايا الأمن و الإرهاب في ظل ما يحصل من عنف و عنف مضاد داخل المحيط الإقليمي و حجم المخاطر والتحديات الأمنية القادمة من الجارة مالي و تداعياتها علي مشارف حدود كل من موريتانيا و السينغال
بالمقابل كتب الرئيس السينغالي الجديد السيد بصيرو في ختام زيارته و عبر صفحته علي الفيس بوك مايلي : ( أود أن أعرب عن إمتناني لأخي السيد محمد ولد الشيخ الغزواني رئيس جمهورية موريتانيا الشقيقة و للشعب الموريتاني علي ترحيبهم الحار و كل علامات الإهتمام التي حظيت بها و كذلك الوفد المرافق لي .
و أضاف أن مباحثاته مع الرئيس غزواني اتسمت بالود و التقارب الواسع في وجهات النظر ) .
بدوره عبر فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ عبر حسابه علي منصة X حيث كتب : ( أعرب عن بالغ إمتناني لأخي صاحب الفخامة السيد بصيرو ديوماي فاي رئيس السينغال الشقيقة الذي تمثل زيارته لموريتانيا ضمانا لتعزيز الأخوة و التضامن بين شعبينا الشقيقين .
و أن هذه الزيارة بالإضافة إلي رمزيتها هي أيضا دليل علي إلتزامنا المشترك بالعمل معا علي تنمية بلدينا اللذين تربطهما أواصر التاريخ و الجغرافيا و القربي ..)
كما شكل الإتصال الهاتفي الذي أجراه معالي الوزير الأول السيد محمد ولد بلال مسعود مع نظيره السينغالي السيد عثمان سونكو إمتدادا لهذه الزيارة و لعمق العلاقة الثنائية بين البلدين .
و فرصة لتقديم التهنئة له و التطرق لجونب العلاقة الثنائية المختلفة و سبل الدفع بها نحو الأفضل في إطار تقارب وجهات نظر الحكومتين .
هكذا خلصت النسخة الأولي من زيارة الصداقة والإطلاع و التنسيق التي كانت ناجحة علي كل المستويات و التي ستؤسس لمرحلة قادمة من العمل المشترك و التعاون الثنائي و بناء الأوطان و خدمة المواطن .
أراد لها البعض من دعاة الفتن و التفرقة و إثارة النعرات و ركوب الأمواج
من أصحاب المتاجرة بالقضايا الوطنية ممن أعتادوا صناعة المحتويات التافهة و الكاذبة والمضللة عبر وسائل التواصل الإجتماعي و مجموعة الوات سابات والفوكالات و نشر الحقد والكراهية والعنف. -
الفشل و القطيعة بين البلدين عبر التحريض و الترويج للإشاعات الكاذبة من خلال التحامل الكيدي و التهويل المفتعل علي الوطن و إستهداف وحدة و تماسك شعبه .
في محاولة لإثارة نقاط الخلاف التاريخية بين السينغال وموريتانيا حول الحدود المشتركة و القضايا العرقية .
و البحث عن فرصة لركوب خطابات القادة الجدد في السينغال و ما حملت في سياق الحملة الإنتخابية من نبرة عدائية ضد موريتانيا انتشر صداها علي نطاق واسع .
وصفها بعض العارفين بالشأن الإنتخابي السينغالي بأنها خطابات إثارة رغبات أهواء الناخبين من أجل إستقطاب المزيد من الأصوات في إطار الإستهلاك الدعائي ليس بالجديد في هكذا مناسبات .
إن التفنن في نشر الإشاعات و خلق الأزمات أضحي مهنة لمن لا مهنة له و أسلوب تطاول و تجاوز علي القيم و الثوابت الوطنية و المجتمعات .
إلا أنه من المفيد جدا في هذا السياق .
أن يدرك دعاة الفتن والتفرقة أن الزخم الإعلامي و إعداد المؤتمرات و صناعة المحتويات لا يمكن أن تضفي أو تعطي الحق أو الشرعية لقضية لا حق لها في الأصل .
و أن صناعة الحدث و التاريخ و تحقيق العدالة و التحلي بسلوك المواطنة .
لا تتأتي من تعكير صفو العلاقة الثنائية بين دول الجوار و إثارة النعرات أو محاولة تكدير صفو السلم الإجتماعي أو التشويش علي زيارة رئيس دولة مجاورة بهذا المستوي من الأهمية .
و بالتالي الخروج علي دعائم وحدة و تعايش تجمع بين شعبين مجاورين منذ امد طويل .
فكما في الحديث الشريف
الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها .
وفي المأثور : -
بلادي و إن جارت علي عزيزة
و أهلي و إن ضنوا علي كرام.

حفظ الله موريتانيا من كل مكروه .
اباي ولد اداعة .